Sunday, September 23, 2012

الهندسة...آلام وتطلعات

كلية الهندسة والبترول، كلية اشتهرت بالصراع الفكري بين الاسلاميين والليبراليين ( العلمية والهندسية )، فقد كان التنافس شديدا الى درجة ان الفارق بين الاول والثاني لم يكن يتعدى ال 50 صوت الا في بعض الحالات، والكلية لم تخضع تحت سيطرة اي قائمة لمدة تزيد عن عامين ( ما يسمى بالمعقل ) منذ 1999، فقد كانت قيادة الجمعية تتنقل بين العلمية والهندسية، و هذا يدل على حب الطلبة للتغيير.



نبدا بالتحليل الدقيق ابتداء من سنة 2005، فقد كانت بداية لكسر قاعدة الفرق البسيط، جاءت نتائج انتخابات الجمعية مفاجأة، تفوق الهندسية على العلمية بفارق 100 صوت مما جعل الاحباط سيدا للموقف لدى عاملي وعاملات العلمية، واصبحت مقولة ( راحت على العلمية ) هي المنتشرة بين طلبة الكلية. جاءت سنة 2006 محملة بالغرائب والعجائب، صعق الجميع بالفارق الجبار، 301 صوت، هذا الفارق كان لصالح العلمية. هنا استنتج الجميع ان الهندسة لا يمكن ان تكون معقلا لأي قائمة، ومما زاد هذا الاستنتاج تأكيدا ان في سنة 2007 تقلص الفارق الى 120، وسنة 2008 سيطرت الهندسية على مقاعد الجمعية بفارق 26 صوت. لن ننسى المستقلة في هذه السنوات الثلاث، فقد كانت في كل سنة لا تتعدى حاجز ال400 صوت والعلمية والهندسية اصواتهم تفوق ال1000 صوت.



سنة 2009 كانت سنة رد اعتبار للعلمية، عاملي وعاملات العلمية ارادوا الاخذ بالثأر لما حدث في العام الماضي، بالاضافة الى توحد الصف الطلابي لصالح العلمية، والجدير بالذكر ان كل الامور التي حدثت في هذا العام كانت تصب لصالح العلمية. جاءت النتيجة محزنة لعاملي الهندسية، فوز العلمية بفارق 437. هنا بدأت قصة النهاية، ففي عام 2010 اصبح الفارق 742 لصالح العلمية. بالرغم من الفارق الكبير بين العلمية والهندسية في العامين 2009 و 2010، الا انه لا زالت اصوات الهندسية تفوق ال1000 صوت والمستقلة قرابة ال 400 صوت.



بعد فارق ال742 صوت، استغلت القائمة المستقلة الموقف، وذاع صيتها في الهندسة، فقد رأت فريسة سهلة يمكنها القضاء عليها، كانت الهندسية تضمد جراحها من هزيمة ال 437 وال 742، فانقضت عليها المستقلة واستطاعت ان تأخذ مكانها في سنة 2011 بفارق لم يتجاوز ال 90 صوت – المستقلة 811 الهندسية 720 العلمية 1838 -. تبادل الادوار بين الهندسية والمستقلة اصبح واضحا هذه السنة - فمن المعروف عن طلبة وطالبات الهندسة حبهم للتغيير كما ذكرنا آنفا – والقائمة العلمية لا زالت محافظة على مركزها والآن بفارق 1027 لضعف الخصم وانشغاله بالتنافس على المركزين الثاني والثالث.



بعد هذه المقدمة عن ما جرى في الاعوام السابقة ( 1999 – 2011 )، نأتي لسنة 2012. حصل في هذه السنة عدة امور ادت الى قلب الموازين، تغيرت الكلية من تنافس فكري الى تنافس انشطة وعلاقات اجتماعية، فالقائمة العلمية لم تعتد على خصم غير واضح المعالم والفكر، بالاضافة الى ان المحافظة على القمة اصعب من الوصول اليها، فالعلمية بلغت ذروتها في عام 2011، واصبح من الضروري تغيير اسلوبها في العمل حتى تجد قمة اخرى تصل اليها، والا سيكون سقوطها حتما الى الهاوية.



التغيير امر مطلوب في كل مؤسسة لكي تستمر في الحياة، حتى ولو كان هذا التغيير مؤلما. سأضرب مثلا للتغيير، الصقر ( ما اشتهرت به القائمة العلمية ) يحتاج الى تغييرات من دونها لن يتمكن من الاستمرار في الحياة، فانه بعد بلوغ ال40 عاما، يقوم بضرب منقاره المعقوف حتى تنكسر مقدمته الزائدة، ويقوم بكسر مخالبه الطويلة ويقوم بنتف ريشه القديم. هذه التغييرات وان كانت مؤلمة، ولكن من شأنها استمرار الصقر في الحياة لمدة 30 سنة اضافية. فكذلك العلمية، يجب عليها تغيير طريقة عملها وتجديد الدماء حتى تتمكن من مواكبة التغيرات التي طرأت على كلية الصراع الفكري، فهي الآن تواجه خصم جديد باسلوب مختلف بتاتا عن الهندسية.



الهندسية في سنة 2012 تعيش حالة الحائر الذي اتى على مفترق طرق، اما التغيير الجذري وتجديد الدماء او الاستمرار على نهج السابقين ( كذلك وجدنا آباءنا يفعلون ). هذا القرار اما ان يرجعها الى موضعها السابق وهو المنافسة على المركز الاول، او يجعلها تخطو خطى الوسط الديمقراطي في جامعة الكويت. لا شك ان الهندسية بامس الحاجة الى التغيير حتى تلقب ب " العجوز " التي تمرض ولا تموت. اصبحت سنة 2012 بالنسبة للهندسية: اما الموت او الشفاء التام ولا يوجد حل وسط بينهما.



القائمة المستقلة اتتها فرصة، والحياة فرص، اما ان تثبت للجموع الطلابية انها تنافس على الجمعية، او انها ترضى بالمركز الثاني وتعمل جاهدة للمحافظة عليه، والعاقل في هذه القائمة سيختار الخيار الاول، ولكن المشكلة تكمن في طريقة التطبيق، فهي قائمة لا فكرية وبالتالي لن تستطيع خوض حرب الفكر مع العلمية، وهي قائمة رصيدها بالانجازات صفر لعدم فوزها بالمركز الاول من قبل.

قامت المستقلة باختلاق حرب جديدة على الهندسة، وهي حرب الخدمات والعلاقات الاجتماعية، بالاضافة الى استعطاف الطلبة والطالبات. من وجهة نظري، هذه انجح خطة اتبعتها المستقلة في جميع كليات جامعة الكويت، استغلت انشغال الخصوم باتخاذ قرار التغيير – كما تم ذكره في السابق – وعملت على تطبيق الخطة الجديدة، واستطاعت سحب العلمية للطريقة التي تريدها في المنافسة. العلمية لم تجد خيار امامها سوى اتخاذ قرار الاستمرار على ما وجدت عليه اباؤها و خوض هذه المنافسة لانها ستخسر كثيرا ان اطالت التفكير في اتخاذ قرار التغيير.

منافسة ملامحها الآتي:

1- الوقت: تم تحديده من قبل المستقلة

2- الاسلوب : تم تحديده من قبل المستقلة

فمن المؤكد ان الانتصار بالنهاية سيكون لمن حدد معالم وملامح المنافسة.



بعد هذا الشرح لاوضاع القوائم الثلاثة، جاءت نتائج انتخابات الهندسة كالتالي:

العلمية 1674 ، المستقلة 1554 ، الهندسية 391

نلاحظ تبادل الادوار بين الهندسية والمستقلة، الهندسية اصبحت تحت حاجز ال400 صوت والمستقلة اقل من العلمية ب 120 صوت، وهذا ما عهده طلبة كلية الهندسية، صراع شديد بين الاول والثاني، والثالث يغرد خارج السرب.



بعد هذا التحليل الذي لم يحتاج الا الى عرض للارقام، اصبح من الصعب تصديق مقولة " صبوا على المستقلة "، فالارقام ترفض هذه النظرية. قيلت هذه المقولة لتبرير سقوط الفارق بين العلمية والمركز الثاني من 1027 صوت الى 120 صوت.

سبب سقوط الفارق هو عدم اهتمام العلمية بما يجري من تغيرات بالكلية، وعدم مواكبتها لهذه التغيرات باعداد خطة جديدة واسلوب جديد في العمل وتجديد الدماء، ولم تأخذ الموضوع على محمل الجد، وكانت واثقة كل الثقة ان جمعية الهندسة تعتبر عرين لها، متناسية ان سقوط الهندسة ما هو الا بداية لسقوط الاتحاد.



بعد قراءة نتائج هذا العام، اصبح لا بد للعلمية ان تغير نفسها بالكامل مع المحافظة على مبادئها، والهندسية تحتاج الى معجزة تنقلها من الثالث الى المنافسة على الفوز بمقاعد الجمعية كما حدث بالضبط مع المستقلة. اما المستقلة فعليها مواصلة العمل والسير على نفس العقلية التي ساروا عليها في السنتين الماضيتين حتى تتمكن من الفوز لاول مرة في مقاعد جمعية الهندسة والبترول.



في سنة 2013، هل سنرى تغييرا جذريا لم تره كلية الهندسة من قبل؟ ام سنقول " هذه هي العجوز التي تمرض ولا تموت " ؟ ام سنرى صقرا يكسر الجزء المعقوف من منقاره حتى يستمر بالصعود ؟؟؟

كل قائمة بامكانها صنع الجواب، ولن نرى في العام المقبل سوى جوابا واحدا





م.شافعي العوضي

سنغافورة 23-9-2012

No comments: